المركز الصحراوي للثقافة و الفكر

.

السبت، 17 مايو 2014

مصير شعب الصحراء الغربية بين إرادة حقٍّ وواقع التوازنات الدولية بقلم: مولاي أحمد .




يطلب البعض أن نكون عبيدا --- وعلينا لهم يكون الولاء
لا وربي، وتربة لبلادي --- قدستها من أهلها الشهداء
لا افتخار ولا حياة لقوم --- هم عبيد في أرضهم وإماء
وقبيح بأهل كل بلاد --- أن يعيشوا بها وهم غرباء
ما يثير استياء أي كان للتعبير عن ما يخالجه من شعور لا سيما ما يتعلق منه بمصير شعبه المستقبلي، هو تراجع الهواجس والتوازنات الاستراتيجية الشمولية التي لم تفض إلى نظام عالمي يسوده الأمن الجماعي، بل إلى مآسي إنسانية لن تستطع الترسانة القانونية ولا الآليات الدولية تلافيها، وبالتالي إثارة الشكوك حول قدرة المتعاملين في العلاقات الدولية على الإتيان بنظريات تتميز بالصلابة المعرفية التي تخولها المصداقية اللازمة للتحكم في الظاهرة المدروسة كيفا وكما، مما تولد عنه تعارض فادح بين طبيعة عالمية لمبادئ قانونية معترف بها (حق تقرير المصير مثلا)، ومحاولات صد للأبواب القانونية أمام تطبيق هذه المبادئ، جراء الحربين العالميتين الأولى والثانية وما واكبهما من تطورات تجلت عموما في المنافسة الطبيعية بين المعسكرين الشرقي والغربي وصولا إلى هزات صميمية عرفها العالم، غيرت الخريطة الجيوسياسية بداية التسعينيات، لكونها لم تفض إلى بزوغ نظام واضح المعالم (العولمة)، ولا إلى سلام عالمي عبر القانون الدولي (الحرب العرقية البوسنية، حرب الصومال الدامية، قلاقل بالاتحاد السوفييتي أدت لتفكيكه، حربي الخليج الأولى والثانية، حصار ليبيا، السودان والعراق، حكم ذاتي حافل بالمذابح والجرائم مع وقف التنفيذ للفلسطينيين، ...، التمادي في تطبيق مبدأ حق الشعب الصحراوي لتقرير مصيره، وبالتالي إطالة أمد المعاناة الإنسانية).
كل هذا التخبط وعلى وجه الخصوص بالصحراء الغربية، يحيلنا الى الإشكالية الجوهرية لتي تواجهها التناقضات الدولية المتمثلة، حسب الاعتقاد الشخصي، في عدم الالتزام بالمسؤولية الدولية، بالرغم من أن الصحراء الغربية تم تثبيتها ضمن لائحة الأقاليم المستعمرة طبقا لقرار الجمعية العامة 1514 الصادر بدورتها 15 بتاريخ 15 ديسمبر 1960، واعترف للشعب الصحراوي في العديد من القرارات الدولية، القارية والإقليمية، بشرعية كفاحه الذي هو بالأساس ناتج عن حالة دفاع يتماشى وميثاق الأمم المتحدة انطلاقا من الفصل الخامس من تقرير لجنة القانون الدولي (المواد 29 إلى 32)، هذه الأخيرة بذلت جهدا كبيرا في استخلاص الإطار العام للقواعد التي تحمي المصالح الأساسية للمجتمع الدولي ككل، إلا أن الرغبة الجامحة لتحقيق ذلك يمكن وصفها بالمنعدمة إلى حد ما، وهو ما يعاب على هيئة الأمم المتحدة بانحرافها عن مسار معالجة القضايا المصيرية نتيجة لامتثال قراراتها للأسس النظرية التي تتماشى في سيرورتها مع التوازنات والمصالح الاستراتيجية للمنظومة "الواقعية"، وبشكل مستمر لتسخير ميثاقها خدمة أهدافها الوطنية الضيقة والطامة الكبرى تتجسد في النقض» « VETO الذي تتمتع به كل من أمريكا، الصين، روسيا الاتحادية، بريطانيا وفرنسا، الأمر الذي يؤدي إلى تخلي المنظومة الدولية عن مبادئ الحق، العدل والمساواة المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة وإعلاناتها وبياناتها، كما هو الحال لمصير العديد من القرارات التي تدين العدو الصهيوني على جرائمه ضد الفلسطينيين، وعدم القدرة على استصدار قرار يمنع أمريكا من الهجوم العسكري على العراق سنة 2003، وكذلك هو الشأن للقضية الصحراوية التي تأثرت بحكم منطق السياسة الدولية الخاضعة لأسس المدرسة الواقعية، بحيث لا يمكن بتاتا إهمال مساندة فرنسا الدائمة للمملكة المغربية، فضلا عن معارضة أمريكا قرارا يدين غزو المغرب احتلاله الصحراء الغربية سنة 1975 ناهيك عن مده بالسلاح حينها.
- تجليات المدرسة الواقعية: بئر بلا قاع!
إن واقع الصحراء الغربية اليوم ليس إلا امتداد لظرفيات تراوحت بين امتزاج وحدة الإرادة وتحللها مع تحيين الوقائع حسب ما تطلبته كل مرحلة غير مفصلية وفق ما رسمته مدارس التنظير السياسي الدولي، وعلى رأسها المدرسة الواقعية التي وإن اختلفت مواطن مشاربها الفكرية ووسائلها المنهجية، فإنها تتفق على أساس واحد وهو القوة، أي الانطلاق مما هو كائن لاستهلاك الوقت المنتج لتصور يؤسس ويوثق للاعتقاد بقابلية الخضوع المرن الذي يُعتمد للترجمة المتعددة الأوجه والاتجاهات مراعاة لما تحقق من نتائج عكسية على نفسية متلقيها المعنيين بصلب القضية دون اعتبار لأهمية المنطلقات والوقائع التاريخية التي أوجدت الحلول المتناسلة، وهو ما يلامسه المتصفح والمتتبع لتقارير وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالنزاع الصحراوي المغربي، بحيث يُلاحظ تغيرا متعمدا للخطاب الأممي مباشرة بعد تعيين أحد رواد المدرسة الواقعية، المبعوث الأمريكي السابق جيمس بيكر مبعوثا دوليا للصحراء الغربية، وذلك من خلال اللغة المُتَضمنة في التصريحات والتقارير والقرارات الدولية التي أسست لمنهج يذهب إلى تحقيق الحد الأدنى من أهداف المدرسة الواقعية تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب" الذي أدرج كمبدأ عام يعتبر "انتصار طرف على طرف ليس بمعقول" و"ليس من حق أي كان أن يخرج المنهزم من قضية الصحراء الغربية خالي الوفاض!!!؟".
هكذا يبدوا أن الأمر يتعلق بحرب أو معركة غير طبيعية، أي أن جغرافية الصحراء الغربية لا تعدو أن تكون مجرد حلبة مصطنعة يتعارك فيها خصمان من أجل اقتسام ميداليتين، إحداهما أثمن من الأخرى أو الاستفادة جماعيا من جائزة على مقاس صانعي القرار الدولي دون اكتراث بالهدف الذي مهد له الاتفاق المبدئي بين طرفي النزاع المنصوص عليه ضمن بنود قرار مجلس الأمن الأممي رقم 621 الصادر سنة 1988 وهو العمل على تنظيم استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية. إن هذا التغيير المنهجي في الخطاب الأممي وجد استمراريته بصيغة أو بأخرى ضمن محتويات العديد من تقارير الأمين العام السابق كوفي عنان في إطار "دبلوماسيته الوقائية" التي انتهجها خلال ولايته المتسمة بجمود لا نظير له، رغما عن مجاملته الشعب الصحراوي بتمكينه من تقرير المصير، ولعل أبرز تجلياتها تتضح في تقريره "المؤقت" الصادر يوم 27 يناير 2005، أين تأسف "بسبب أو بدونه" بإفادة مجلس الأمن عن استمرار حالة عدم الاتفاق حول ما يمكن عمله للتغلب على الخلاف المستحكم بين الطرفين، وأعرب حينها عن استعداده "الذي لم تُعرف لا طبيعته ولا مدى جديته" لمساعدة الطرفين على ما أسماه إيجاد حل للمأزق الحالي! (حينها) من خلال التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول لديهما، وباعتلاء خلفه كرسي عرش الأمم المتحدة الكوري بان كي مون سار لتحقيق نفس المسعى "الواقعي" الدولي المنصوص عليه في الفقرة السابعة من قرار مجلس الأمن الدولي 2099/2013 عبر اتباع نهج، وُصِفَ في تقريره الصادر بتاريخ 15 أبريل 2014، بالجديد يضمن للأمم المتحدة تحقيق جهودها عن طريق "تيسير المفاوضات بين الطرفين من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل دائم يقبله الطرفان، يكفل لشعب الصحراء الغربية حق تقرير مصيره"، وبإيعاز من مبعوثة الشخصي الأمريكي "الواقعي الجديد" كريستوفر روس الذي بدوره لم يخن مبادئ مدرسته الفكرية، من خلال العديد من الإيماءات المعبر عنها بسرية المفاوضات (انظر الفقرة 28 من التقرير نفسه) والابتعاد بالمفاوضين عن الأضواء والصرامة في منعهم من الإدلاء بأي تصريح يخص كل مستجد نوقش أو مسائل كانت موضع مداولة خلال تلك المفاوضات التي سترتفع من بساط الحدائق الأمريكية المسيجة إلى فضاءات العوالم المكوكية. وذلك بتطرقه إلى مسألة تقرير المصير في معرض إجابته على ترحيب مسؤولي جبهة بوليساريو بنهجه الجديد ما دام "التفاوض سيحترم الحق غير القابل للتصرف لشعب الصحراء الغربية في تقرير المصير عن طريق استفتاء يقوم على ثلاثة خيارات"، إذ اعتبر أن مجلس الأمن لم يحدد الشكل الذي يمكن أن يتخذه تقرير المصير بالرغم من أن هذا الأخير يوصف بكونه إحدى المسألتين الرئيسيتين اللتين يتعين التطرق لهما"، موضحا بذلك وفقا لما تضمنته الفقرة 29 من التقرير السالف الذكر، أنه "في كل لقاء يذكر "باستخدام الأمم المتحدة، على مدى حوالي 30 عاما، جميع السبل الممكنة الكفيلة بمساعدة الطرفين على التوصل إلى تسوية، بما في ذلك التفاوض بشأن وضع خطط، وتنظيم اجتماعات وجها لوجه، وعقد مشاورات ثنائية الآن مع إمكانية اعتماد دبلوماسية مكوكية"، ليحذر من "أن عملية التفاوض قد بدأت تستنفذ الخيارات المتاحة لها، ولا بد من إحراز تقدم خلال عام 2014، لأن التأخير ليس في صالح أي جانب"، سيما وأن ثلاث عشرة جولة من المباحثات المباشرة بناء على مقترحين تقدم بهما الطرفان أبريل 2007، لم تسفر عن نتيجة (الفقرة 13 من التقرير) ستستمر جهود الأمم المتحدة في بذل الجهود من أجل تحقيقها حتى يتم تحديد الوضع النهائي للصحراء الغربية، التي لاحظ الأمين العام بان كي مون (أخيرا) أنها موجودة منذ سنة 1963 ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، لا غير، في إشارة منه إلى أن مبدأ تقرير المصير لا يشمل الاستقلال بل يهدف إلى منح الحكم الذاتي كأقصى حد يمكن أن يتم التفاوض عليه أو المطالبة به، وهي سابقة خطيرة قد تؤثر على أحقية شعب الصحراء الغربية في تحديد مصيره بحرية، بغض النظر عن ما تحمله الملاحظة إياها المدرجة في الفقرة 93 من تقريره، لأنها حتى وإن كانت خطأ في الترجمة من اللغة الأصلية إلى لغات أخريات أو تعبيرا لغويا يتميز به الواقعيين، فإن ذلك يلزم الوعي والإدراك الكلي لدلالات الخطاب المراد تبسيطه إلى حد تأقلم الإرادة مع أهدافه التي تتوجس من الهواجس المطلبية وتراعي التوازنات الدولية.
- تحديات المدرسة الوطنية: عشنا طبيعتنا حَرِّينْ...
في خضم ذلك التأسيس النظري وبراعة رواد مدارس العلاقات الدولية الفكرية في تحديها لأسس المدرسة الوطنية ميدانيا، صدر القرار 2014/2152 ليزيد من عقم الحل المفضي إلى تقرير الشعب الصحراوي لمصيره بعيدا عن أي وصاية استهلاكية، خاصة وأن فقراته تؤكد على دعم المجلس لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي التي يبذلانها تنفيذا للقرارات الصادرة منذ سنة 2007 إلى حدود 2013 المؤهلة "للإسهام في تحقيق الاستقرار والأمن بمنطقة الساحل"، على أساس "تحلي الطرفين بالواقعية" التي "تفرض مواصلتهما المفاوضات برعاية الأمين العام بحسن نية ودون شروط مسبقة" تعزيزا "للطرح الواقعي" الذي يُعالــِــجُ بها المنتظم الدولي القضية الصحراوية، وهو الأمر الذي أضحى مؤثرا بطريقة أو بأخرى على المسالك الرئيسية للنفاذ نحو تقرير مصير شعب الصحراء الغربية بنزاهة وحرية وديمقراطية، مما يعني أن المعنيين الصحراويين لزمهم العمل على استكشاف مكامن الخلل بحذافرها، وكشف نقاط تواجد التناقض في سياسة الكيل بمكيالين المنزوية على نفسها تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب"، لإعادة الاعتبار للنهج الدبلوماسي التقليدي الأصيل الذي كان موازيا للنهج الثوري نتيجة الالتزام المبني على أسس ودعائم مصيرية لا رجعة عن تحقيقها. بالرغم من قوة تأثيرات الواقع "المفروض" التي مست بعض المرتكزات شبه الأساسية من منطلق رغبة جبهة بوليساريو في حقن دماء الصحراويين بالدرجة الأولى، وترسيخ الإرادة السياسية المتمثلة في إحلال السلام بالدرجة الثانية، ما فسح المجال للاستهتار الدولي بالجمود المتواصل الذي أعاد للذاكرة ماض مظلم لم يغب عن الأذهان ولو لبرهة مما يصعب معه نسيان او حتى تناسي ما واكبه من إهدار لأرواح الأبرياء، وسقوط شهداء بساحات الشرف (كالبشير لحلاوي، محمد سيدي ابراهيم بصيري، الوالي مصطفى السيد، الحسين علا، امبيريك العبد، النعجة عالي، البشير الصالح، سيدي حيذوك، محمد لمين أب الشيخ والقافلة طويلة)، آمنوا بعدالة قضيتهم، واقتنعوا بتحقيق النصر دفاعا عن حقهم المشروع، الذي ذكَّرَ به الأمين العام لجبهة بوليساريو محمد عبد العزيز المنتظم الدولي، في رسالته المؤرخة 8 مارس 2003 ردا على خطة السلام من أجل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية والمرفقة بتقريره الصادر 23 ماي 2003 تحت رقم 2003/56، وبالضبط الفقرة الخامسة، حيث أدرج أن "جبهة بوليساريو التي تتحدث باسم الشهداء والمنفيين الصحراويين الذين يواجهون في بلدهم المحتل معاناة يعجز عنها الوصف، والتي تدافع عن قضية عادلة، ما فتئت على مر العقود تقدم التنازلات تلو التنازلات من أجل إحقاق حق أساسي هو حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بحرية، وبدأت هذه التنازلات بالقبول بوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ 6 سبتمبر 1991.... فماذا حصل؟" يتساءل، "المغرب يرد بنفسه...، إصراره على مخالفة القانون والتمادي في نزعته التوسعية ورغبته في تكريس أمر الاحتلال الواقع في الصحراء الغربية، وبالتالي المغرب هو الذي يصرح أخيرا أنه لن يقبل حلا للنزاع المتعلق بإنهاء الاستعمار دون احترام سلامته الإقليمية وسيادته الوطنية.
إن الوضع القائم الذي اشتكى منه المنتظم الدولي في القرار الأممي الأخير، ليس إلا نتاج للظرفيات التي خلفتها السياسة المواكبة للتوازنات والهواجس الدولية الخاضعة لنظريات تجد صداها لدى طرفي النزاع من خلال العمل في فلكها، كما هو الحال لنظرية اللعبة من خلال توزيع الأدوار على مجالات أخرى وعلى رأسها حقوق الإنسان ونظرية المباريات التي تسجل النقاط بالإيجاب والسلب على أحد الطرفين في كل جولة مفاوضات بحدائق الولايات المتحدة الأمريكية، مما اضطر المبعوث الأممي كريستوفر روس سيرا على نهج مدرسته الواقعية إلى العمل على خلق أطراف ثالثية يُنظر لها من منطلق إمكانية تأثيرها على صلابة طرفي النزاع والتقليص من دورهما المركزي، وبخاصة منه الطرف الصحراوي الذي استغل نظرية اللعبة للعمل من أجل إضعاف الطرف المغربي الذي يدوره يملك من الإمكانيات المادية التي تؤهله لنهج نفس الأسلوب وفق مبادئ النظرية الواقعية التي تفرض على الطرف الصحراوي إعادة النظر في طبيعة التعامل مع منظري المدرسة الواقعية الدوليين وتقييم العمل الدبلوماسي وإعادة تأهيل أطره بما يعيد الاعتبار لمبادئ المدرسة الوطنية ويدعم ركائزها المؤسسة على منطلقات ضاربة في عمق التاريخ. بمعنى أنه يلزم الجلوس مع الذات في إطار يعمه النقد البناء من أجل استيعاب مخاطر المرحلة ودراسة المكتسبات والإحباطات بنفس الدرجة الموضوعية لتحقيق مكاسب أكثر في ظل نظريات العلاقات الدولية وعلم السياسة التي لم تعد تنظر للشعوب من منطلق أخلاقي، بقدر ماهي نظرة مصلحية بالكاد تتأرجح بين مرحلة ومرحلة وفق التوازنات الاستراتيجية للدول المتصارعة في الخفاء والعلن للتحكم في دواليب العالم، ولعل أبرز مثال على ذلك، تراجع الولايات المتحدة الأمريكية هذه السنة بدعوى اعتدالها عن رغبتها الملحة في إيجاد آلية لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء الغربية السنة الماضية، وكأن الأمر له علاقة بأسهم بورصة وول ستريت.
ما هكذا يجب أن ننظر وفقهم لقضية، كابد شعبها الويلات من أجل إنهائها وعانى الأمرين بغرض لم الشمل والعودة إلى الحياة الطبيعية التي كان يعيشها من منظور فكري بصيري والولي، ولا يعني ذلك الدعوة للكفاح المسلح الذي لم يسلم من تأثيرات الوضع القائم في المحيط الإقليمي والدولي، وليس بالضرورة التركيز على نظرية اللعبة في مجالات تفرض الدراسة والتنظيم قبل المغامرة بمستحقاتها، بل يجب على الساسة الصحراويين العودة إلى الأصول المبدئية للتنظيم السياسي ونبذ التوازنات غير المجدية وزرع الثقة في الكفاءات التي عليها أن لا تتقلد المناصب الدبلوماسية والتنظيمية الحساسة إلا بعد أن تكون على دراية تامة بنظريات العلاقات الدولية وعلم السياسية التي لها علاقة بالنزاع الصحراوي المغربي، بل يتحتم على هذه الأطر معرفة كل كبيرة أو صغيرة عن الخصم للضغط بها عليه وفق تكتيك دبلوماسي محض "لَكْحَالْ" أثناء كل مبارزة مباشرة سياسية كانت أو مجالية، والحذر كل الحذر من سياسة استقطاب أطراف ثالثية حتى وإن كانت تخدم القضية. وإذا اقتضت الضرورة إقالة أو تنحية أو تغيير بعض الأطر الدبلوماسية والتنظيمية من مواقعها بما فيهم رئيس الدبلوماسية الصحراوية فلا ضير في ذلك، ما دامت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الصحراوي المكافح من أجل حريته واستقلاله واستكمال سيادته على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق